شريط اخبار مكتوب
بحـث
المواضيع الأخيرة
الإمبريالية الأمريكية تغرق في المستنقع العراقي
صفحة 1 من اصل 1
الإمبريالية الأمريكية تغرق في المستنقع العراقي
لقد بات واضحا بالنسبة لمؤيدي ومعارضي الحرب الأمريكية على العراق على حد سواء أن أيام الاحتلال الأمريكي في هذا البلد هي من سئ إلى أسوأ. فمنذ تسليم السلطة للعراقيين في 28 يونيو الماضي، بلغ متوسط العمليات التي تنفذ يوميا ضد قوات الاحتلال 49 عملية وفقا لما ورد في جريدة يو إس أي توداي. ورغم الاتفاق الذي توصلت إليه القوات الأمريكية وعملائها من الشرطة والحرس الوطني العراقي مع ميليشيات جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر في شهر أغسطس الماضي، بهدف إنهاء القتال في النجف والكوفة ومدينة الصدر، فأن المقاومة العراقية في المناطق السنية كبدت الاحتلال أكبر خسائر بشرية خلال الشهر نفسه، حيث بلغ عدد القتلى 66 جنديا من قوات الاحتلال، كما أعلن في نفس الشهر أن من لقوا مصرعهم من الجنود الأمريكيين في العراق تجاوز الألف.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أصبحت عدد من المدن العراقية خارج سيطررة قوات الاحتلال، منها الفلوجة وسامراء والرمادي، إضافة إلى بعض المدن الصغيرة بالقرب من بعقوبة. وتكمن المشكلة هنا في أن استعادة السيطرة على هذه المدن تتطلب هجوما بريا كاسحا، وهو ما تخشاه القوات الأمريكية بسبب ضخامة الخسائر البشرية المتوقعة. لذلك فأننا نسمع الكثير من التصريحات التي تؤكد أن الحملة البرية في هذه المناطق ستكون في ديسمبر، أي بعد الانتخابات الأمريكية.
إذن، ففي الوقت الذي تصورت فيه الإدارة الإمريكية أن وقف العمليات العسكرية في المناطق الشيعية يمثل خطوة للأمام بالنسبة لقوات الاحتلال بهدف استعادة هيبتها وتحسين الوضع بالنسبة لفرص جورج بوش في الانتخابات الرئاسية القادمة، فأن تطورات الأسابيع التالية كشفت هشاشة الهدنة التي تم التوصل إليها مع ميليشيات الصدر، حيث عادت الاشتباكات المكثفة بين جيش المهدي والاحتلال في ضاحية الصدر التي تضم مليونين من فقراء الشيعة. كما بات واضحا أن الجماعات المسلحة الصغيرة والمشتتة ليست أقل خطورة من جيش المهدي. ذلك أن صعوبة مواجهة هذا الجماعات تكمن في أن ليس لها هوية معروفة، ولا قيادة معلومة يمكن تحديدها أو التفاوض معها إذا لزم الأمر. وقد أصبحنا نسمع بشكل شبه يومي عن جماعات مسلحة جديدة، بعضها يقوم بخطف الرهائن, والبعض الآخر يركز على شن الهجمات ضد الشرطة العراقية، وأخرون حددوا عملياتهم في تخريب أنابيب النفط حتى لا يعطوا فرصة للاحتلال للسيطرة على النفط العراقي الذي خاض الحرب من أجله. ويختلف هذا النموذج عن كافة نماذج المقاومة في حالات الاحتلال الأخرى، في الجزائر وفيتنام وفلسطين وغيرها. ذلك أن العراق أصبح ساحة لكل من يريد الانتقام من السياسة الأمريكية في المنطقة. وأصبحت الحدود العراقية معبرا لتوافد الراغبين في قتال الولايات المتحدة على اختلاف ولاءاتهم. ولاشك أن التشتت وغياب الهدف الموحد يمثل عنصرا سلبيا بالنسبة لمستقبل المقاومة وقدرتها على تقديم نفسها كبديل سياسي. لكنه من ناحية أخرى، وفي اللحظة الراهنة، يفاقم هذا الوضع من المأزق الذي يواجهه الاحتلال الذي يحاول عبثا أن يلصق كافة التهم بتنظيم القاعدة وأبو مصعب الزرقاوي، بعد أن كان في الشهور الأولى للاحتلال يحمل أتباع النظام السابق المسئولية عن العمليات التي تشن ضد القوات الأمريكية. وكما هي العادة دائما، يصبح المزيد من التوحش هو الحل الوحيد المتاح بالنسبة لقوات الاحتلال. وقد روى مراسل أحد الصحف البريطانية في العراق كيف يقتل الجنود الأمريكيون العراقيين بلا تردد وكيف يطلقون النار على بعض الجرحي ويرفضون علاج البعض الآخر.
أما الحكومة المؤقتة، فقد أصبحت معزولة في المنطقة الخضراء في وسط بغداد والتي تضم المقر الرئيسي لقوات الاحتلال، والتي تتعرض لهجمات المقاومة بشكل يومي. وشيئا فشيئا بات مؤكدا ان الحكومة العراقية هي مجرد دمية في يد الاحتلال لا وظيفة لها سوى المساعدة في قمع المقاومة. فبالنسبة لهذه الحكومة تبقى المسألة الأمنية لها الأولوية على كافة الخدمات الأخرى، في الوقت الذي عجزت فيه عن تحقيق أي تقدم ملموس في تحسين ظروف معيشة العراقيين. لكن هذه الحكومة فشلت أيضا في تحقيق الاستقرار الأمني بدليل الالتباس الراهن بشأن إجراء أو عدم إجراء الانتخابات العراقية في يناير القادم.
ويكمن حجم المأزق الأمريكي في العراق في عدم إمكانية الخروج منه في الوقت الراهن. فليس بالإمكان، بعد أن جيشت أمريكا 140 ألف جندي لاحتلال العراق بدون أي سند –ولو شكلي—من "الشرعية الدولية"، أن تقوم بسحب هذه القوات، لأن ذلك سيحطم هيبة الإمبريالية الأمريكية ويجلعها في وضع أسوأ بكثير من الوضع الذي كانت عليه قبل غزوها للعراق، وهو الغزو الذي استهدف تعزيز هيمنتها في مواجهة القوى الإمبريالية المنافسة عبر السيطرة على نفط الشرق الأوسط الذي يمثل مصدر الطاقة الأساسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي واليابان والصين. ويصبح على الإدارة الأمريكية للسيطرة على الوضع في العراق حل وحيد هو إرسال قوات إضافية إلى هناك، وهو ما برز مؤخرا من خلال الخطط الأمريكية لسحب قوات من كوريا الجنوبية وإرسالها إلى العراق. لكن ذلك لن يشكل مخرجا من هذه الأزمة لأن التقديرات العسكرية تشير إلى أن السيطرة على الوضع في العراق تتطلب نشر نحو 500 ألف جندي وهو ما لا تقدر عليه الحكومة الأمريكية سواء من ناحية الميزانية أو من ناحية القدرة على مواجهة الرأي العام في الداخل. ولهذه الأسباب أصبح الحديث عن إمكانية تكرار نموذج فيتنام لا يقتصر على المعارضين للحرب، ولكن يتم تداوله أيضا في أفتتاحيات الصحف الأمريكية والبريطانية المؤيدة للحرب مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز وفينانشيال تايمز، وعلى ألسنه بعض العسكريين الأمريكيين.
المصدر/مركز الدراسات الاشتراكية- مصر
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أصبحت عدد من المدن العراقية خارج سيطررة قوات الاحتلال، منها الفلوجة وسامراء والرمادي، إضافة إلى بعض المدن الصغيرة بالقرب من بعقوبة. وتكمن المشكلة هنا في أن استعادة السيطرة على هذه المدن تتطلب هجوما بريا كاسحا، وهو ما تخشاه القوات الأمريكية بسبب ضخامة الخسائر البشرية المتوقعة. لذلك فأننا نسمع الكثير من التصريحات التي تؤكد أن الحملة البرية في هذه المناطق ستكون في ديسمبر، أي بعد الانتخابات الأمريكية.
إذن، ففي الوقت الذي تصورت فيه الإدارة الإمريكية أن وقف العمليات العسكرية في المناطق الشيعية يمثل خطوة للأمام بالنسبة لقوات الاحتلال بهدف استعادة هيبتها وتحسين الوضع بالنسبة لفرص جورج بوش في الانتخابات الرئاسية القادمة، فأن تطورات الأسابيع التالية كشفت هشاشة الهدنة التي تم التوصل إليها مع ميليشيات الصدر، حيث عادت الاشتباكات المكثفة بين جيش المهدي والاحتلال في ضاحية الصدر التي تضم مليونين من فقراء الشيعة. كما بات واضحا أن الجماعات المسلحة الصغيرة والمشتتة ليست أقل خطورة من جيش المهدي. ذلك أن صعوبة مواجهة هذا الجماعات تكمن في أن ليس لها هوية معروفة، ولا قيادة معلومة يمكن تحديدها أو التفاوض معها إذا لزم الأمر. وقد أصبحنا نسمع بشكل شبه يومي عن جماعات مسلحة جديدة، بعضها يقوم بخطف الرهائن, والبعض الآخر يركز على شن الهجمات ضد الشرطة العراقية، وأخرون حددوا عملياتهم في تخريب أنابيب النفط حتى لا يعطوا فرصة للاحتلال للسيطرة على النفط العراقي الذي خاض الحرب من أجله. ويختلف هذا النموذج عن كافة نماذج المقاومة في حالات الاحتلال الأخرى، في الجزائر وفيتنام وفلسطين وغيرها. ذلك أن العراق أصبح ساحة لكل من يريد الانتقام من السياسة الأمريكية في المنطقة. وأصبحت الحدود العراقية معبرا لتوافد الراغبين في قتال الولايات المتحدة على اختلاف ولاءاتهم. ولاشك أن التشتت وغياب الهدف الموحد يمثل عنصرا سلبيا بالنسبة لمستقبل المقاومة وقدرتها على تقديم نفسها كبديل سياسي. لكنه من ناحية أخرى، وفي اللحظة الراهنة، يفاقم هذا الوضع من المأزق الذي يواجهه الاحتلال الذي يحاول عبثا أن يلصق كافة التهم بتنظيم القاعدة وأبو مصعب الزرقاوي، بعد أن كان في الشهور الأولى للاحتلال يحمل أتباع النظام السابق المسئولية عن العمليات التي تشن ضد القوات الأمريكية. وكما هي العادة دائما، يصبح المزيد من التوحش هو الحل الوحيد المتاح بالنسبة لقوات الاحتلال. وقد روى مراسل أحد الصحف البريطانية في العراق كيف يقتل الجنود الأمريكيون العراقيين بلا تردد وكيف يطلقون النار على بعض الجرحي ويرفضون علاج البعض الآخر.
أما الحكومة المؤقتة، فقد أصبحت معزولة في المنطقة الخضراء في وسط بغداد والتي تضم المقر الرئيسي لقوات الاحتلال، والتي تتعرض لهجمات المقاومة بشكل يومي. وشيئا فشيئا بات مؤكدا ان الحكومة العراقية هي مجرد دمية في يد الاحتلال لا وظيفة لها سوى المساعدة في قمع المقاومة. فبالنسبة لهذه الحكومة تبقى المسألة الأمنية لها الأولوية على كافة الخدمات الأخرى، في الوقت الذي عجزت فيه عن تحقيق أي تقدم ملموس في تحسين ظروف معيشة العراقيين. لكن هذه الحكومة فشلت أيضا في تحقيق الاستقرار الأمني بدليل الالتباس الراهن بشأن إجراء أو عدم إجراء الانتخابات العراقية في يناير القادم.
ويكمن حجم المأزق الأمريكي في العراق في عدم إمكانية الخروج منه في الوقت الراهن. فليس بالإمكان، بعد أن جيشت أمريكا 140 ألف جندي لاحتلال العراق بدون أي سند –ولو شكلي—من "الشرعية الدولية"، أن تقوم بسحب هذه القوات، لأن ذلك سيحطم هيبة الإمبريالية الأمريكية ويجلعها في وضع أسوأ بكثير من الوضع الذي كانت عليه قبل غزوها للعراق، وهو الغزو الذي استهدف تعزيز هيمنتها في مواجهة القوى الإمبريالية المنافسة عبر السيطرة على نفط الشرق الأوسط الذي يمثل مصدر الطاقة الأساسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي واليابان والصين. ويصبح على الإدارة الأمريكية للسيطرة على الوضع في العراق حل وحيد هو إرسال قوات إضافية إلى هناك، وهو ما برز مؤخرا من خلال الخطط الأمريكية لسحب قوات من كوريا الجنوبية وإرسالها إلى العراق. لكن ذلك لن يشكل مخرجا من هذه الأزمة لأن التقديرات العسكرية تشير إلى أن السيطرة على الوضع في العراق تتطلب نشر نحو 500 ألف جندي وهو ما لا تقدر عليه الحكومة الأمريكية سواء من ناحية الميزانية أو من ناحية القدرة على مواجهة الرأي العام في الداخل. ولهذه الأسباب أصبح الحديث عن إمكانية تكرار نموذج فيتنام لا يقتصر على المعارضين للحرب، ولكن يتم تداوله أيضا في أفتتاحيات الصحف الأمريكية والبريطانية المؤيدة للحرب مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز وفينانشيال تايمز، وعلى ألسنه بعض العسكريين الأمريكيين.
المصدر/مركز الدراسات الاشتراكية- مصر
مواضيع مماثلة
» الإمبريالية الأمريكية بين وعد بلفور ووعد بايدن
» تعريف الإمبريالية
» الإمبريالية أعلي مراحل الرأسمالية
» تعريف الإمبريالية
» الإمبريالية أعلي مراحل الرأسمالية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يوليو 14, 2011 9:10 pm من طرف al3nteel
» بروتوكولات حكماء صهيون- حمل في ثوان
الثلاثاء أبريل 19, 2011 1:24 pm من طرف رضا الهوارى
» المتلاعبون بالعقول
السبت فبراير 19, 2011 11:33 pm من طرف taherab
» فتاه تموت من الخوف
الأربعاء مايو 20, 2009 2:36 pm من طرف gogo
» رجل المستحيل (مقال)
الثلاثاء مايو 19, 2009 4:22 am من طرف Haleem
» الذكاء العاطفي
الثلاثاء مايو 19, 2009 4:17 am من طرف Haleem
» ضرورة العلم
الثلاثاء مايو 19, 2009 4:06 am من طرف Haleem
» فخ العولمة
الثلاثاء مايو 19, 2009 3:58 am من طرف Haleem
» المدينة الفاضلة عبر التاريخ
الثلاثاء مايو 19, 2009 3:54 am من طرف Haleem
» العبقرية
الثلاثاء مايو 19, 2009 3:50 am من طرف Haleem